قصة اختي في رمضانها الأخير
انا هنا اذكر لكم قصة اختي بإختصار وهي تمثل لي دافع إن شاء الله في هذا الشهر ‘ واتمنى ان تكون لكم كذلك
في رمضان الماضي كانت اختي مقعده على سريرها طول شهر رمضان‘
...وكانت شابه في مقتبل عمرها اصابها مرض السرطان فجاءه وكان من
(الدرجه الرابعه)أي لاينفع معه أي علاج مطلقا سوى تهدئة آلامها بالمسكنات ...وإنتظار وفاتها...
ورغم شدة آلامها ومعاناتها والاوجاع التي تضرب عظامها ليل نهار من هذا المرض المخيف...إلا ان الله سبحانه وتعالى اعطاها قوه من الصبر والتحمل أثار دهشة الأطباء...وكانت تقضي لياليها في اسرة المستشفيات متقلبه بين الآلام لاتستطيع النوم ولا الاكل حتى الصلاة تؤديها بصعوبه..
وهكذا مضت الايام والشهور حتى دخل رمضان عام1430 وكانت اختي لاتعلم بأن رمضان قد دخل...وعندما علمت ...مباشرة طلبت السحور !..وأخبرت الممرضه المشرفه عليها انها سوف تصوم الشهر فرفضت الممرضه...
فطلبت اختي من الممرضه ان تنادي لها الطبيب.....وأن يجعل الأدويه التي تأخذها
او بالأصح( مسكنات) وليست أدويه.... طلبت من الطبيب أي يغير مواعيدها من صلاة المغرب حتى الفجر لأنها تريد ان تصوم..
.وعندما رفض الطبيب طلبها لأن حالتها خطيره جدا وأيامها معدوده.......
ارتسم على وجهها ملامح الحزن والضيق..
وعندما عادت للمنزل ....وكان المسكنات هي رفيقتها في الليل والنهار...
وجسدها ملقى على السرير 24ساعه طوال اليوم.....
قمنا بفتح التلفاز على صلاة التراويح من الحرم المكي فعندما رأت جموع المصلين والإمام يقراء.....أخذت تبكي وتبكي بكاء مرا.....كانت تبكي بشده كالأطفال بشهيق عال....تبكي وهي تردد.. لاأستطيع الصلاه...,اريد ان أصلي مثلهم....
كانت تنظر للتلفاز وتغبط المصلين لأنهم يؤدون الصلاه وافقين وهي مقعده... عاجزه عن القيام بها....كانت تصلي الفروض جمعا وقصرا وهي على سريرها بصعوبه....فكيف تريد ان تصلي التراويح واقفه!!
حتى قراءة القرآن كانت لاتستطيع قراءته.....لأنها تقضي اغلب ساعاتها في النوم بسبب المسكنات التي كانت تأخذها.....
ولا تستطيع النظر للقرآن.... بسبب اعصابها المتعبه المرهقه من المرض الذي وصل لدماغها.....
بكت على شهر رمضان اكثر من بكائها على مرضها.....و لم ارى دموعها تنهمر بكثره إلا في هذا الموقف؟؟!!!
وتوفيت رحمها الله بعد شهر رمضان ولقد رأينا علامات حسن الختام فيها ولله الحمد...
كنا نحن أسرتها في رمضان لانراها ،فهي إما في غرفتها ممسكه بمصحفها ليل نهار...حيث انني علمت عن طريق الصدفه أنها كانت تختم المصحف في رمضان مرات كثيره..دون ان تخبر أحدا بذلك...حتى تخلص النيه لله..
وإما ان تجدها في مصلاها راكعه ساجده
وإما ان تكون في المسجد المجاور لبيتنا تعتكف فيه مع بعض النساء...
هكذا كان حالها مع رمضان من كل سنه
حتى اتى عليها رمضان الأخير من حياتها وهي لاتستطيع ان تفعل كما فعلت من قبل ...وكان حزنها عميقا جدآ
فكلما اتذكر اختي رحمها الله وبكائها على عدم قدرتها على الصلاة والصيام في رمضان الماضي،كلما اشعرني ذلك بمسؤوليه أكبر نحو هذا الشهر...لأني أستطيع ان افعل مالم تستطع اختي فعله في رمضانها الاخير.....بإذن الله...
لاكن علينا ان نستعين بالله عزوجل ان يوفقنا لقيام وصيام هذا الشهر على الوجه الذي يرضيه عنا
فالمرء ينوي ان يجتهد....لاكنه بعض الأحيان قد لايوفق للإجتهاد في هذا الشهر..فالمرء ضعيف ..قد تتغير او تقل إرادته فجأه....لاكن علينا ان نستعين بالله عزوجل والإكثار من قول (لاحول ولاقوة إلابالله العلي العظيم)
و(اللهم اعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)
اتمنى ان تكون هذه القصه دافعا للبعض:
دافع للذين يملكون القوه والصحه والوقت ....ويهدرونها في التافه من الأمور
دافع للذين يؤدون الصلاه بصعوبه وتثاقل ..وغيرهم يتمنى آدائها لاكنه عاجز
دافع للذين يصومون ولا تصوم جوارحهم عن الحرام.... بأن غيره يتمنى الصيام ويتمنى تحمل مشاق الصيام لينال الأجر الكبير...ولاكن حالته الصحيه لاتسمح له
دافع لكل من لايقراء القران او يجد ملل في قراءته ويحسب عدد الأجزاء التي يقرأها فقط... من دون ان يتدبر المعاني...بأن هناك من لايستطيع حتى النظر إليه او تدبر معانيه لأن دماغه مصاب بالسرطان
دافع لكل شخص يضيع ساعات رمضان الثمينه في المسلسلات والأفلام والمباريات والأسواق.....بأن لايضيع وقته إلا فيما يرضي الله.....لأن هذا شهر القران
انا ذكرت قصة اختي حتى نشعراكثر.. بقيمة( الصحه والعافيه) التي نمتلكها...فهى معنا الآن...ولاكن لاندري هل ستكون معنا رمضان القادم ام لا؟؟؟؟!!
قال رسول الله لرجل وهو يعظه :
اغتنم خمسا قبل خمس:شبابك قبل هرمك,وصحتك قبل سقمك,وغناك قبل فقرك,وفراغك قبل شغلك,وحياتك قبل موتك
اتمنى من كل من يقرأ الموضوع ان يدعوا لأختي بالرحمه والمغفره
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم